الإرهاب

بالرغم من عدم وجود تعريف متفق عليه للإرهاب دولياً إلا أنه و من خلال الأحداث العالمية يمكن لنا تعريف الأعمال الإرهابية بشكل موجز و هو : قيام فرد أو جماعة بعمل غير مشروع من شأنه إلحاق الضرر بمصالح دولة ما.
و الأعمال الإرهابية يقوم بها غالباً مواطنون ضد دولتهم، و ذلك بضرب المرافق الحيوية داخل الدولة، كما يمكن أن يقوم بها مواطنو دولة ما ضد دولة أخرى و ذلك باستهداف مصالحها داخل إقليم دولتهم أو داخل إقليم الدولة المستهدفة أو داخل إقليم أية دولة أخرى .

ففي الحالة الأولى يقوم فرد أو جماعة ممن ينتسبون إلى دولة معينة بأعمال تخريبية و ذلك لرغبتهم في لفت انتباه دولتهم إلى قضية معينة أو انتقاماً من دولتهم التي تمارس – من وجهة نظر ذلك الفرد أو الجماعة – نوعاً من الظلم أو التعسف ضدهم .

أما في الحالة الثانية يقوم فرد أو جماعة من مواطني دولة معينة بأعمال تخريبية ضد مرافق حيوية لدولة أخرى داخل إقليم تلك الدولة أو خارجه و ذلك للفت انتباه الدولة الأجنبية أو المجتمع الدولي بأسره إلى قضية معينة أو ربما انتقاماً من تلك الدولة التي تكون قد ساهمت بشكل كبير في الإضرار بذلك الفرد أو تلك الجماعة .

و هذه الحالة الأخيرة تكون في الغالب موجهة ضد مصالح دولة عظمى تكون لقراراتها و ردود أفعالها أثر “سلبي” على تلك الجماعة أو ذلك الفرد .
و هنا نقف عند نقطة مهمة ألا و هي صعوبة تعقب الدولة المعتدى عليها للفرد أو الجماعة الإرهابية ممن قاموا بأعمال تخريبية ضد مصالحها و ذلك في حال عدم وجودهم في إقليم دولة أخرى ما لم يكن بين الدولة المتضررة
و الدولة التي يوجد منفذو الأعمال الإرهابية على إقليمها معاهدة خاصة بتسليم المجرمين.والسبب في ذلك هو عدم وجود قاعدة في القانون الدولي تفرض على دولة ما تسليم المجرم مهما كان نوع الجريمة التي ارتكبها لدولة أخرى، الأمر الذي يسهل على الإرهابيين القيام بأعمال تخريبية ضد دولة و الاحتماء بدولة أخرى لا يوجد بينها و بين الدولة المعتدى عليها اتفاقية لتسليم المجرمين.
و هنا نقول أن الدولة المحتمى بها غير ملزمة بتسليم هؤلاء الإرهابيين ، بالإضافة إلى كونها غير مسؤولة بموجب القانون الدولي عن وقوع أضرار لدولة أخرى نتيجة أعمال غير مشروعة يخطط لها أو تنفذ داخل أراضيها . و إنما تكون الدولة مسؤولة في حال تقصيرها في اتخاذ التدابير الوقائية التي كان يمكن لها القيام بها لمنع وقوع الاعتداء على مصالح الدول الأخرى سواء داخل أو خارج إقليمها.
و هذا يسونا إلى القول بصعوبة اتخاذ إجراءات كفيلة بمنع وقوع أعمال تخريبية لعدة أسباب من أهمها صعوبة مراقبة من لديهم نوايا للقيام بأعمال تخريبية و تتبع خططهم في ظل التكنولوجيا الحديثة و أقصد بذلك الإنترنت و البريد الإلكتروني و الهواتف النقالة و الأقمار الصناعية.

إذاً فالحل التقليدي بمراقبة الإرهابيين غير فعال كما أسلفنا و بالتالي فلا بد من اللجوء إلى حلول أخرى تكون رادعة لمن لديه النية للقيام بأعمال تخريبية.
و من أبرز هذه الحلول من وجهة نظري، إنشاء جهاز أو هيئة تكون تابعة للأمم المتحدة و تحت إشرافها و تكون العضوية في هذه الهيئة لجميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة ، و يكون هدف هذه الهيئة محاربة الإرهاب بشتى صوره و التنسيق بين الدول الأعضاء لتسليم المجرمين المتهمين بالقيام بأعمال إرهابية تخريبية دولية و المطلوبين للعدالة من دولة عضو تقدم أدلة دامغة على ضلوع المطلوبين في جرائم تخريبية تمس أمن الدولة العضو و استقرارها و هنا يجب على الدولة العضو الأخرى التي يحتمي المطلوبين للعدالة داخل أراضيها تسليم هؤلاء المطلوبين و إلا اعتبرت مخلة بالتزاماتها الدولية المفروضة عليها كعضو في الهيئة المذكورة، الأمر الذي من شأنه حث الدول الأعضاء على تسليم المطلوبين للعدالة الدولية فور تقديم أدلة داحضة تفيد تورط المطلوبين في أعمال إرهابية تخريبية.
يمكن أيضاً لهذه الهيئة العمل على مساعدة الدول الأعضاء على اتخاذ التدابير الوقائية لمنع وقوع الأعمال الإرهابية داخل أراضي إحدى الدول الأعضاء و ذلك عن طريق التنسيق بين الأجهزة الاستخباراتية للدول الأعضاء لتبادل المعلومات المتعلقة بالأعمال الإرهابية التخريبية المحتملة الوقوع مما يسهل عملية تلافي أو منع وقوع تلك الأعمال الإرهابية.

و أخيراً أختم بالقول بأن الحل الأمثل لمشكلة الإرهاب يكمن في العمل على اقتلاع الإرهاب من جذوره بالبحث عن أسباب الأعمال الإرهابية و محاولة إزالة الأسباب التي أدت إلى ظهوره بدلاً من مواجهته.
و يجب ألا ننسى دور المجتمع في توعية أفراده منذ سن مبكرة بخطورة مثل هذه الأعمال التخريبية و أنها ليست السبيل السوي للحصول على الحقوق، بل هناك طرق متحضرة للمطالبة بالحقوق و لو أنها قد تحتاج لبعض من الصبر و المثابرة، كما أنه من الضروري جداً العمل على إشاعة العدل و المساواة بين أفراد المجتمع الواحد و كذلك بين الأعراق و الجماعات المختلفة حول العالم حتى لا تثور هذه الجماعات إذا ما طفح بها الكيل و أقفلت في وجهها جميع الأبواب السلمية للمطالبة بحقوقها المسلوبة و لم يبق لها خيار سوى استخدام العنف لمواجهة الجور و الاستبداد.